اقترح باحثون في جامعة تل أبيب اكتشاف موجات راديو خافتة من العصور المظلمة الكونية لكشف خصائص المادة المظلمة. هذه الإشارات، التي أصدرها غاز الهيدروجين المتأثر بتكتلات المادة المظلمة بعد 100 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، يمكن ملاحظتها بشكل أفضل من القمر. النتائج، المنشورة في Nature Astronomy، تبرز طريقة جديدة لاستكشاف أوائل لحظات الكون.
في دراسة قادها البروفيسور رينان باركانا من كلية ساكلر للفيزياء والفلك في جامعة تل أبيب، بالاشتراك مع الطالب الدكتوراه سوديبتا سيكدر ومتعاونين من اليابان والهند والمملكة المتحدة، يتنبأ العلماء بأن موجات الراديو من العصور المظلمة الكونية تحمل أدلة على المادة المظلمة. هذه الحقبة، التي حدثت قبل تشكل النجوم الأولى بحوالي 100 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، شهدت تشكل المادة المظلمة لتكتلات كثيفة جذبت غاز الهيدروجين، مما أدى إلى إصدار إشارات راديو أقوى.
شرح البروفيسور باركانا: "اكتشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي الجديد لناسا مؤخراً مجرات بعيدة نتلقى ضوءها من مجرات مبكرة، حوالي 300 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. بحثنا الجديد يدرس حقبة أبكر وأكثر غموضاً: العصور المظلمة الكونية، بعد 100 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم. تتنبأ المحاكاة الحاسوبية بأن المادة المظلمة في جميع أنحاء الكون كانت تشكل تكتلات كثيفة، والتي ستساعد لاحقاً في تشكل النجوم والمجرات الأولى. يعتمد حجم هذه الكتل المتوقع على خصائص المادة المظلمة المجهولة، وبالتالي يمكن أن يساعد في إلقاء الضوء عليها، لكنها لا يمكن رؤيتها مباشرة. ومع ذلك، جذبت هذه التكتلات المادة المظلمة غاز الهيدروجين وأدت إلى إصدار موجات راديو أقوى. نتنبأ بأن التأثير التراكمي لكل هذا يمكن اكتشافه باستخدام هوائيات راديو تقيس شدة الراديو المتوسطة في السماء."
جو الغلاف الجوي للأرض يحجب هذه الإشارات الخافتة، مما يجعل الملاحظات المبنية على الفضاء أساسية، خاصة على سطح القمر الهادئ راديوياً خالٍ من التداخل البشري. مع المهام من الولايات المتحدة وأوروبا والصين والهند التي تتسابق للعودة إلى القمر، يمكن للتلسكوبات القمرية تمكين هذه البحوث.
تشير الدراسة إلى أن هذه الإشارات، المكبرة خلال الفجر الكوني عندما أضاءت النجوم الأولى، يمكن اكتشافها بواسطة مشاريع مثل Square Kilometre Array (SKA)، وهو جهد دولي يتكون من 80,000 هوائي تحت الإنشاء في أستراليا. أشار البروفيسور باركانا، الذي يشارك في SKA: "مثلما يتم استبدال محطات الراديو القديمة بتكنولوجيا أحدث تجلب مواقع الويب وبودكاست، يوسع علماء الفلك نطاق علم الفلك الراديوي. عندما يفتح العلماء نافذة ملاحظة جديدة، عادة ما يؤدي ذلك إلى اكتشافات مذهلة. الكأس المقدسة في الفيزياء هي اكتشاف خصائص المادة المظلمة، المادة الغامضة التي نعلم أنها تشكل معظم المادة في الكون، لكننا لا نعرف الكثير عن طبيعتها وخصائصها. من الطبيعي أن علماء الفلك متشوقون للبدء في الاستماع إلى قنوات الراديو الكونية للكون المبكر."
يقدم هذا النهج رؤية نقية للمادة المظلمة قبل تشكل المجرات، مما قد يحول فهمنا لتطور الكون. تم نشر البحث في Nature Astronomy.